كثير مما نقرؤه في شتى العلوم مما وصل إلينا الكثير المفاهيم التي لم نكن نفكر يوماً في التمعن بها، ونحن أهل اللغة العربية، فما بالكم بعلوم ديننا، الدين الإسلامي الذي خرج للناس كافة ولم يخص فيه قوماً دون قوم،فنجد في القرآن الكريم والسنة النبوية تعاليم ومبادئ استقام بها أمر الخليقة وقد انتظمت شؤونهم في شتى مناحي الحياة، وهنا أسرد لكم بعضاً من الوقفات مما جاء في كتابه الكريم من تعاليم ببعض المسائل المتعلقة بمسألة انتشرت في عصرنا هذا مما نراه عياناً بمواقع التواصل من ضرب وإهانة لمن أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال " اتقوا الله في النساء ".
فعلى سبيل المثال لا الحصر :
قول الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة النساء "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) ،
على أن المفسرين وعلماء التفسير يرون في تفسير هذه الآية أوجهاً كثيرة، وكلٌّ باجتهاده، فمثلاً، ذكر ابن كثير- في تفسيره لكلمة "وَاضْرِبُوهُنَّ" أي: فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال في حجة الوداع : " واتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف… "وَكَذَا بتفسير السعدي والقرطبي والطبري.
وفي زماننا هذا الكثير ممن استغل أقوال المفسرين، لتبرير أفعاله التي ما كانت ولم تكن لتحدث في عصر النبوة، من سوء معاملة لزوجته واخته وابنته، بالضرب والتعنيف والإهانة وتناسوا تماماً قول النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا"
وذكر علماء اللغة العربية بتفسيرهم لمفهوم " الضرب" لغوياً بأن الضرب في اللغة بمعنى الحاجز،كما في قول الله تعالى في سورة الحديد "يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ" (13) وذكر ابن كثير في تفسيره هذه الآية (وإنما المراد بذلك : سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين ، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه ، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب ، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة)
.فهنا نحتاج إلى الإلمام بمفهوم تكريم الخالق لمخلوقه كما في قوله تعالى"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" فهل يكون تكريم المرء بضربه ؟
هنا يجب أن نسأل ما إذا كان الضرب بمعناه العملي أي: ضرَبَ في الشَّيء: أصابه وصدمه، أو بمعناه اللغوي : الحاجز، أي بهجرهن بالمضاجع ، وقد يكون ذكر الهجر في ظاهره مكرراً للتأكيد على حل مسألة نشوز المرأة.
باعتقادي علينا أن نقرأ كثيراً ففي القراءة خيراً كثيراً لمن أمعن النظر
إقرأووا فليس الدين محصوراً لأحد..
والله تعالى أعلم.